القاهرة - محمد أبو ياسين الأصوات تعلو في ميدان التحرير، والهتافات بسقوط النظام تتزايد، واللافتات تعلق. الكل يعمل ولجان الإعاشة تباشر عملها لتنظيم الميدان، وترتيب الأمور لدعم الاعتصام، والمبيت، وعمليات الدخول والخروج إلى الخيام والحمامات وأماكن النوم.
العالم تابع من خلال الشاشات التلفزيونية مظاهرات الشباب وهتافاتهم ومعاركهم مع الأمن المركزي والبلطجية والقناصة. لكن أحدا لم يعرف تفاصيل الحياة اليومية لمئات الآلاف المعتصمين في مكان واحد يضيق بهم، يأكلون ويشربون ويحتاجون لدورات المياه.
كل الأسئلة التي أحاطت بنا، من صحافيين أو من أصدقاء، كانت تبحث عن الحياة الإنسانية في قلب ميدان التحرير، البعيدة عن الضرب وقنابل الغاز والرصاص الحي والمولوتوف.
ما يكاد زائر يلقى أحدنا حتى يسأل كيف توفرت دورات مياه لكل هذا العدد الذي يعتصم ويبيت، وأين تغتسلون وتبدلون ملابسكم، وكيف يتيسر هذا الأمر الصعب للنساء.
في ميدان التحرير أكثر من مكان، وأكثر من طريق يعرفه كل رواد وسط القاهرة، أولها الحمام العمومي في ميدان التحرير، وهو أسفل الأرض، بالقرب من باب محطة المترو المجاور لمجمع التحرير.
وهناك الحمامات الموجودة داخل جراج التحرير، الذي هو أيضا أسفل الأرض. لكن ظهرت مشكلة، حيث لم يعد هناك عمال يشرفون على نظافة دورات المياه، فالعمال يسكنون في أماكن بعيدة مما أعاق وصولهم، فضلا عن حظر التجول والبلطجة.
لم يكن الأمر في حاجة إلى تفكير، قسمنا أنفسنا على مدار اليوم لمتابعة الحمامات العامة ومباشرة عملية التنظيف. البنات وضعن الكمامات ودخلن إلى حمامات السيدات، وتوجه الشباب إلى المكان المخصص للرجال.
طلاب جامعات وأطباء ومهندسون يمسكون بأدوات النظافة في الحمامات بمنتهى الفرحة، تسمعهم أحيانا يلقون بالنكات "لو دخلت النهاردة مرتين تدخل بكرة مرة مجانا" في سخرية من تحديد أسعار دخول الحمامات العامة في الشوارع قبل الثورة، أو
"الدخول بالكوينز يا بهوات"، والكوينز مقصود بها العملات المعدنية المستخدمة مع بعض الحمامات التي تعمل ببوابات الكترونية.
بعض الشباب كان يفضل الذهاب إلى جامع عمر مكرم القريب من المكان، لتغيير الملابس والوضوء والصلاة. مطاعم الوجبات السريعة القريبة من الميدان كان لها دور كبير، حيث فتحت أبوابها للدخول إلى حماماتها دون أن تشترط أن يكون الداخل من رواد المكان. أو من المشترين منها.
من حق أي شاب أن يدخل في أي وقت، وهو نفس ما فعلته المقاهي المحيطة بالميدان، حيث يحيط الميدان عدد كبير من المقاهي، كما فتحت سيدات شققهن في ميدان التحرير للفتيات والسيدات لتبديل الملابس.
أم سمير تسكن في إحدى الشقق التي تطل على الميدان، ويملك ابنها محلا تعرض للتكسير ليلة الاعتداء بالمولوتوف على الثوار ويوم موقعة الجمل، لكن خسارة ابنها جعلتها تصر على أن تفتح الباب لكل السيدات والفتيات قائلة "البنات لازم يتستروا في الحمام أثناء تغيير ملابسهن. أنا لو عندي شقة تانية كنت فتحتها للشباب".
كل الأسئلة التي أحاطت بنا، من صحافيين أو من أصدقاء، كانت تبحث عن الحياة الإنسانية في قلب ميدان التحرير، البعيدة عن الضرب وقنابل الغاز والرصاص الحي والمولوتوف.
ما يكاد زائر يلقى أحدنا حتى يسأل كيف توفرت دورات مياه لكل هذا العدد الذي يعتصم ويبيت، وأين تغتسلون وتبدلون ملابسكم، وكيف يتيسر هذا الأمر الصعب للنساء.
في ميدان التحرير أكثر من مكان، وأكثر من طريق يعرفه كل رواد وسط القاهرة، أولها الحمام العمومي في ميدان التحرير، وهو أسفل الأرض، بالقرب من باب محطة المترو المجاور لمجمع التحرير.
وهناك الحمامات الموجودة داخل جراج التحرير، الذي هو أيضا أسفل الأرض. لكن ظهرت مشكلة، حيث لم يعد هناك عمال يشرفون على نظافة دورات المياه، فالعمال يسكنون في أماكن بعيدة مما أعاق وصولهم، فضلا عن حظر التجول والبلطجة.
لم يكن الأمر في حاجة إلى تفكير، قسمنا أنفسنا على مدار اليوم لمتابعة الحمامات العامة ومباشرة عملية التنظيف. البنات وضعن الكمامات ودخلن إلى حمامات السيدات، وتوجه الشباب إلى المكان المخصص للرجال.
طلاب جامعات وأطباء ومهندسون يمسكون بأدوات النظافة في الحمامات بمنتهى الفرحة، تسمعهم أحيانا يلقون بالنكات "لو دخلت النهاردة مرتين تدخل بكرة مرة مجانا" في سخرية من تحديد أسعار دخول الحمامات العامة في الشوارع قبل الثورة، أو
"الدخول بالكوينز يا بهوات"، والكوينز مقصود بها العملات المعدنية المستخدمة مع بعض الحمامات التي تعمل ببوابات الكترونية.
بعض الشباب كان يفضل الذهاب إلى جامع عمر مكرم القريب من المكان، لتغيير الملابس والوضوء والصلاة. مطاعم الوجبات السريعة القريبة من الميدان كان لها دور كبير، حيث فتحت أبوابها للدخول إلى حماماتها دون أن تشترط أن يكون الداخل من رواد المكان. أو من المشترين منها.
من حق أي شاب أن يدخل في أي وقت، وهو نفس ما فعلته المقاهي المحيطة بالميدان، حيث يحيط الميدان عدد كبير من المقاهي، كما فتحت سيدات شققهن في ميدان التحرير للفتيات والسيدات لتبديل الملابس.
أم سمير تسكن في إحدى الشقق التي تطل على الميدان، ويملك ابنها محلا تعرض للتكسير ليلة الاعتداء بالمولوتوف على الثوار ويوم موقعة الجمل، لكن خسارة ابنها جعلتها تصر على أن تفتح الباب لكل السيدات والفتيات قائلة "البنات لازم يتستروا في الحمام أثناء تغيير ملابسهن. أنا لو عندي شقة تانية كنت فتحتها للشباب".
دورات مياه متنقلة
لقطة أرشيفية للحياة في ميدان التحرير
وبسبب شكوى المتظاهرين من قلة دورات المياه، بالمقارنة بالأعداد المهولة، قامت مجموعة من المهندسين والعمال المشاركين في الثورة بإنشاء 10 حمامات "سابقة التجهيز" بتكلفة وصلت إلى 4 آلاف جنيه تبرع بها أحد المهندسين، مساحة الحمام الواحد حوالي 3.60 أمتار، فى 4.80 أمتار، مكونة من حوائط وأسقف من الخشب "الأبلكاج"، بالإضافة إلى أنها سهلة الاستعمال فمنها "البلدي والأفرنجي".
وقد تم اختيار مكان الحمامات المتنقلة بالقرب من الحمامات الرئيسية بالميدان لتسهيل عملية الصرف، حتى لا تتجمع المياه وتسبب روائح كريهة في المكان.
الحمامات المتحركة لم تشوه المنظر الجمالي للميدان، فالبوابات الخارجية لها كانت بمثابة معرض فني للرسم. الـ 10 دورات مياه كانت مرحلة أولى من المشروع، فقد كان مخططا لإقامة أكثر من خمسين أخرى، الأمر الذي يؤكد أن شباب الثورة كان مستعدا للصمود في الميدان واستقبال المزيد.
وقد تم اختيار مكان الحمامات المتنقلة بالقرب من الحمامات الرئيسية بالميدان لتسهيل عملية الصرف، حتى لا تتجمع المياه وتسبب روائح كريهة في المكان.
الحمامات المتحركة لم تشوه المنظر الجمالي للميدان، فالبوابات الخارجية لها كانت بمثابة معرض فني للرسم. الـ 10 دورات مياه كانت مرحلة أولى من المشروع، فقد كان مخططا لإقامة أكثر من خمسين أخرى، الأمر الذي يؤكد أن شباب الثورة كان مستعدا للصمود في الميدان واستقبال المزيد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق